قراءتي في رواية " عصفور من الشرق"

اسم الكتابِ : عصفورٌ من الشَّرقِ .
الكاتب : توفيق الحكيم .
عدد الصفحات : 153.
دار النَّشر : " دار النشر العربي "

محسن ، ذلك الشاب العربي ،مصري النشأةِ والأصلِ ، فكرة نشأت في واقعٍ ولكن سرعان ما وجدت نفسها فكرةً أخرى في واقِعٍ آخَرَ ، في زمنٍ آخر ، تظلُّ هذه الفكرة متشبثةً بذاتها أمام حملاتِ التغييرِ والإبادة العرقية ، ولكن ما تلبثُ أنْ تجاري تلك الأمواج العارمة بأن تترك لها قرار قيادتها فالماضي الآن لا يجدي أي نفعٍ .

" لاشيءَ يجعلنا عظماء أكثر من ألمٍ عظيمٍ " دي موسيه .

قرأها ، وقرَّرَ فجأةً أن يختلق بيديهِ ألمَه ، ألم كان يحيط به ولكن أراد منه أن يكون أقوى ، أن يكون كفيلاً بأن يصنع من عظيماً تروى به أسطورة كتلك الأساطير الإغريقية ، أسماه حُبَّاً ، أحالهُ إلى هدف ، لم يكن قويا كفاية ليفرق ما بين الهدف البعيد والهدف المحقق ، هنا تلتقي فكرة " توفيق الحكيم " بفكرة لطالما راودتني ، أرادَ " توفيق الحكيم" أن يوصلنا إلى حقيقةِ أن هنالك تفاصيل كثيرة في حياتنا تكون أجمل وأكثر تفصيلاً كلَّما كانت أبعد ، ولكن ما إن نصبح قاب قوسين أو أدنى منها ، نحيلها إلى مجرَّد دمية نلهو بها ، وسرعان ما نسأمها لدى اختلاطها بتفاصيلنا اليومية الأخرى .
محسن ، ذلك الشرقي الذي رغم انبهاره بالغرب لا تزال تلك التفاصيل الشرقية المفعمة برائحة العود تسيطر على مخيلته ، كلما أرادت الطيران بعيدا في " ميدان الكوميدي " ، أرجعتها هناك حيث حي" السيدة زينب "و"قهوة العم شحاته "، وهنالك وراء المشربية تزهو" سنية " بثوبها الزهري .
هنالك لحظة تسبق اتخاذ قرار ، في أن يكون شرقيا مدافعا عن الشرق في وجه هيمنة الغرب المستبدّ ، أم أن يصبح شرقيا هاربا من رجعية الشرق لحضارة الغرب ، لم يكن مضطراً لاختيار أي منها ، إذ أن رفيقه ذاك قد اختار ما يريد ، ...في البداية أرادَ أن يقولَ لصديقه الروسي الهارب من هيمنة الشيوعية والذي قد اخذ المرض منه كل مأخذ ليختار أخيرا أن يمضي ما تبقى له من أيام بين شجيرتين شرقيتين ينعم تحتهما بالنظر إلى قطعان الأغنام يسوقها صبي عربي اسمر .
أراد أن يقول له :" أن ذلك المنبع الذي يريد أن يراه ، وتلك الأنهار التي يريد أن يشرب منها ، قد تسممت كلها ،، وان رجال الدين هنالك كما رجال الدين هنا ،: يقتنون السيارات ، ويقبضون المرتبات ، وتورد وجناتهم من النعم والمتع ، وان ثياب الشرق الجميلة والبهية هي اليوم خليط عجيب من الثياب الأوروبية ، يثير منظرها الضحك ، كما يثيرنا منظر قردة تسرق ثياب السائحين وتلهو بها ، وان أفكار الغرب التي رموها في سلات مهملاتهم أصبحت الآن في الشرق مبادئ ثابتة ، يؤمن بها الشرقيون أكثر من إيمانهم بمبادئهم الدينية .... وان ... وان ...الخ "
ولكن لم يجرؤْ " محسن " على ذلك ، وذلك لأن صاحبه الروسي هذا وان كان قد فشل في علاج نفسه القلقة الحائرة في أوروبا ، فانه قد صنع من الشرق صورة عظيمة هي كل أمله ، فكيف يطفئ " محسن" شعلة هذا الأمل ..
ولكن تجيء الصدف دائماً كما لا نتصورها إذ يرحل رفيقه هذا ، يرحل قبل أن يكتشف حقيقة الشرق التي بات يصبح ويمسي عليها ..
ودَّعهُ قائلاً بتثاقل :
- اذهب أنت يا صديقي .. إلى هناك .. إلى المنبع واحمل ذكراي وحدها معك ..وداعاً ..

مع تحياتي \\ عروبة

" حقوق الطبع والنقل محفوظة "

مشكورة اختي عروبة.............ما قرأته..............مع ذلك تبدو رواية رائعة

اخي الغالي ،" مؤنس"

أشكركَ على مروركَ ، تناسبكَ روايات " محمود شقير " أكثر ..تدرّج يا أخي ..

تحياتي\\

مشكوووووووورة كتير يا عروبة

والله انك اخت عزيزة يا عروبة

تحياتي \\

مشكووووورة عروبة ع الموضوع

لا شكرَ على واجبٍ أخي ،،
" أنتظرُ قراءاتكم "..

تحياتي\\

هناك كلمة استفزتني لكن سأصمت عنها اليوم (الهارب من هيمنة الشيوعية)

ليس لسبب ! لكن لا أعرف فقط استفزتني ..

قراءة جميلة ,, إذا فضيت بحاول اشوفو لانو بمخططي بدي 3 سنين قراءة كتب بس

مشكورة عــُــروبة

أشكركَ كثيراً على ردكَ ،
ربَّما لم يكن " توفيق الحكيم " يابه اذا ما كان هنالك شيوعي في الأرجاء لن تستهويه هذه العبارة ، وبمحض المصادفة لا أكثر - أنا أيضاً كذلك - ، فذلك الروسي فعلاً كان قد هرب من هيمنة الشيوعيَّة ، ولكن أصدقك القول بأنه وفي تلك اللحظة كانت الهيمنة تحيط بالفرد من كل جانب ، بغض النظر عن الفكر الذي آمَنَ به .. وذلك يحديثنا عن صورة الشرق التي باتت لا تسر \لا عدو ولا صديق\ ..على عكس الصورة التي رسمها في باله ..

" بالنسبة للرواية فليست بذلك الحُسنِ " استمتع بما في حوزتكَ ..

تحياتي\\